الجمعة، 19 يوليو 2019

طبيب نفسي أم عالم نفسي؟


هذا الموضوع منقول عن المجلة الثقافية الجزائرية


طبيب نفسي أم عالم نفسي؟

أهدف أن تكون مقالتي قصيرة و مركزة تجيب، فقط، عن سؤال العنوان. لذلك سأهتم بالفرق بين الوظيفتين، وهو ما أراه الأكثر أهمية و دلالة.
ما الفرق بينهما؟
يكمن الاختلاف الأساسي في الأدوات التي يستعملها كل منهما لمعالجة المشكلة التي يعاني منها المريض.
فالأداة الرئيسية للطبيب النفسي هي الصيدلانية النفسية ، التي يحاول من خلالها إحداث تغييرات في كيمياء المخ ، والتي تؤدي بدورها إلى التحسن أو تخفيف الأعراض التي يعاني منها المريض.
في حين أن الأداة الرئيسية للعالم النفسي هي إمكانيات المريض الذاتية. إذ يسعى هذا الاخير إلى تحقيق نفس الهدف الذي يرمي إليه الطبيب النفسي ، ولكن بالتعامل مع القوى والقدرات الذاتية للمريض بغية إحداث تغييرات في طريقة تفكيره وسلوكه.
لكن ... أيهما الأفضل؟
الجواب هو: كلاهما. كما رأينا ، فهما ليسا متعارضين ، بل إن مناهجهما تكاملية ، وهناك أدلة كثيرة على أن العلاجات المختلطة (التي تجمع بين كلا النهجين) أكثر نجاحًا بشكل عام في مجموعة واسعة من الاضطرابات.
الخلاف أو التنافس بين الأطباء النفسيين وعلماء النفس هو أسطورة. مع استثناءات مؤسفة ، كلاهما يريد تخفيف معاناة المريض ويتعاونان مع بعضهما البعض في السعي لتحقيق هذا الهدف.
ففي الوقت الذي يذهب فيه الطبيب النفسي "من الداخل إلى الخارج" (من الدماغ إلى السلوك)، يذهب الطبيب النفسي "من الخارج إلى الداخل" (من السلوك إلى الدماغ). فهما يمثلان وجهين لعملة واحدة.
قد يقول قائل: "لكن كيف يمكن لعالم نفسي أن يحقق تغييرات هيكلية في دماغ المريض؟ لا تحاول استغبائي  ، هذا يمكن احداثه فقط بعقار مؤثر على المخ! "
إذا كنت تفكر هكذا، فاعلم أن الدماغ يتغير بشكل مستمر طوال حياتنا ؛ في الواقع ، إنها الحياة نفسها هي التي تجعله يتغير.
عندما نتعلم العزف على الكمان ، يتغير دماغنا. عندما نتعلم لغة جديدة ، يتغير دماغنا. عندما يتركنا شريكنا إلى آخر ، يتغير دماغنا. عندما يؤنبنا الجار لأننا نطلق الموسيقى بصوت مرتفع ، يتغير دماغنا.
و هذا واقع، ليس فيه استعارات و لا مبالغات. بفضل النفاذية والقدرة العظيمة لدماغ الإنسان على تعديل نفسه والتكيف مع التجارب اليومية ومتطلبات البيئة ، أصبحنا النوع المهيمن على هذا الكوكب. كما تعلمون ، و من هنا يمكن لعلم النفس أن يقوم بالكثير في هذا الصدد.
ما وراء الأدوية النفسية
و بناء على كل ما سبق ، يجب أن نعترف أنه على الرغم من أن الدواء يمكن أن يكون مفيدًا للغاية ، فان هناك أشياء لا يكمن أن يقوم بها  من أجلنا: حل المشاكل التي تعترضنا في حياتنا اليومية.
لا توجد حبوب تساعدنا على التصالح مع الأخ الذي تخاصمنا معه، على سبيل المثال. أو لمساعدتنا في اختيار شعبة للدراسة. أو أي مشكلة أخرى مرتبطة بحياتنا اليومية وجب علينا حلها.
يساعدنا العلاج النفسي في التفكير فيما نريده لأنفسنا وتنفيذ الخطوات اللازمة لتحقيق ذلك. لم يتم اختراع أي دواء يمكننا من حل هذه المعضلات.
و ختاما ، أكرر ما سبق   ذكره : ان الطب النفسي و علم النفس وجهان لعملة واحدة ألا و هي التخفيف من معاناة المريض.


بقلم عبدالناجي ايت الحاج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق